الاستاذ / أشرف شاهين
عدد المساهمات : 9 نقاط : 27 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/02/2012
| موضوع: الفن و الحياة الثلاثاء فبراير 28, 2012 12:01 am | |
| الفـن.. والحياة إذا كان الفنّ هو صورةٌ من صُور التآلف ، والتناسق ، والتناغم بين الأشياء المختلفة ، إذْ تنسجم فيها المكوّنات للعمل الفنّي ، ويتآلف فيها الجمال والمنفعة ، وتتجانس فيها الروح والمادة ، ويتكامل فيها النغم وأوزانه ؛ فإن الحياة هي لوحةٌ فنية ، غنيّة الأبعاد والخيال ، والإنسان فيها يمثّل الحياة في أعْلى قيمها ، والإنسان بحدّ ذاته أعظم عملٍ فنّيٍّ خلقه مبدع الكون.. ربّنا الأعظم ، خلقه في أحْسن تقويم ، خلقه وهو قمّة في التناغم والتناسق بين أعضائه وجوارحه . والفنّ والحياة عنصران لا يمكن فصلهما عن بعض بحكم التلازم
نشأ الفن منذ أنْ وُجد الإنسان لقد نشأ الفن مع الإنسان منذ أن بدأت الحياة الإنسانية ، فمولد الفن ارتبط بمولد الإنسان نفسه في صُوره البدائية . كان الفن البدائي مرتبطا في كلّ أحواله ، وصُوره بغايات نفعية تهمّ الإنسان ، ويبدو هذا واضحا في صُنْع الإنسان البدائي لأدوات الصيد ، والزراعة ، وأواني الطعام ، والتماثيل ، وإن كان الفنان حينها لم يكن على وعْيٍ بالقيم الجمالية التي اكتسبها من خلال الممارسة الطويلة لمّا كان يصنع تلكم الأدوات ، فقد كان ما يهمّه ، ويحرص عليه في عمله ، أو فيما يُنتجه أن يصنع آلة حادّة قاطعة ، أو وعاء ، أو صُورة لحيوان ، أو تمثالا ؛ ومهما كانت هذه النتاجات ، أو الصناعات ، أو الأعمال ، فإن ذاك الإنسان البدائي قد اكتسب طوال المراحل البدائية المختلفة خبرةً حرفيةً التصقت بها عن وعْيٍ ، أو غير وعْيٍ مجموعة من التقاليد الفنّية ، واكتسب خلالها الكثير من المهارات ، والدّربة أهّلته لأن ينتقل من العصور البدائية إلى عصْر الحضارة
وتحمل الممارسة الفنية للإنسان البدائي دلالات ثقافية هامّة ، إذْ تؤكّد أن الرغبة في الإبداع مكوّنٌ أساسيٌّ من التكوين البشري من جهة ، وتؤكد من جهة أخرى أن هذه الممارسة الفنية التي في أصلها ممارسة حرفية صنعية ، بما تحمله من معانٍ ودلالاتٍ ، وما مرّت به من تطوّر هي جزْءٌ من تكوين الثقافة الإنسانية في أبعادها المختلفة ، وفي بُعْدها الأنثروبولوجي على وجْه الخصوص ، حيث أن تلك المُمارسة بما تتميّز به من بساطة في التعبير والتقنية ؛ تُعبّر عن حاجة الإنسان المُلحّة إلى إشْباع رغبة في ذاته للتعبير عن مشاعرَ ، وأفكارٍ غامضة تجيش بوجدانه تدفعه إلى التعبير عن علاقته بالوجود المحيط به في فضائه الضيّق حينذاك ، والتواصل مع هذا الوجود . إن ذاك التواصل مع الوجود حمل رغبات دفينة للإنسان البدائي كي يسعى بالتدريج للسيطرة على البيئة ، وإخضاعها لقدراته المحدودة ـ وهذا ما أثبته التاريخ ـ كما مثّل ذلك التواصلُ احتياجا كامنا لإشباع حاجات جمالية غير ممكنة إلاّ بالمُمارسة الإبداعية ، فضْلاً عن الأبعاد النفعية كاتخاذ هذه الممارسة وسيلة للتواصل مع الجماعة ، أو ممارسة سلطة التميّز للسيطرة عليها ، أو تمثيلها ، أو التعبير عنها عند جماعة أخرى ، أو جلْبا للنظر … الفنان قديما أصبغ رؤاه الخاصّة ذلك أن الفنان يملك قدرات ، ومواهب تنعدم عند غيره من الناس العاديين ، فقد مكّنته في تلك العصور من السيطرة ، بل والتأثير في الجماعة . إن تفكير الإنسان القديم لإدراك العالم الذي حوله ، وتجسيد الواقع الذي يعيش فيه ما كان بالأمر الهيّن ، لأن الإدراك والإلمام لا يقتصران على النظر والحسّ فحسب ، بل هو نتيجة لعمليات معقّدة أساسها الاستيعاب الفكري للمحيط والعالم . ويمكن الاعتماد في ذلك على دراسة الإبداعات والإنتاجات الفنية لإنسان العصور القديمة ، فقد أثبت العلم بأن النقوش ، والزخارف ، والحفْر على جدران الكهوف لإنسان العصر الحجريّ القديم صنعها الإنسان حينها من تفكيره الذاتي ، وليس محاكاة لما هو موجود في الطبيعة فحسب، ولا تتناول هذه التعابيرُ الفنيةُ النّسخَ البسيطَ لمواضيعَ واقعية شاهدها ذاك الإنسان وعاشها بنفسه البتّة ، بل أسبغ عليها رؤاه الخاصّة . وكان الفن في المجتمعات البدائية القديمة الوسيلةَ الوحيدة للإنسان لمعرفة العالم ، ومعرفة نفسه من حوله .. فعندما تهطل الأمطار ، وينمو الزرع يرقص الناس فرحا وابتهاجا ، وعندما تبخل السماء بمطرها على الإنسان ، ويسود الجفاف ، وتيبس التربة وتتشقّق وتتطاير ذرّاتها يؤدّي الناس في جماعات مشتركة الرقصَ المُحْزنَ عن أحاسيس الألم والحسرة ، لأنهم سيجوعون في ذلك الموسم . الفن للفن فقط تلك كانت شعارات عصور النهضة الفنية في جميع الدول الأوربية ، وعليها نشأت كل المدارس الفنية التي أثارت ثورة ، ونهضة كبري في تلك العصور، ولكن الفن الإسلامي الذي كان له السبق دائما كان له شعار أخر وهو الفن في خدمة الحياة ؛ أي أن الفن هو فن تطبيقي يشترك في كل جوانب الحياة ، فيزين المنازل بعمارة إسلامية رائعة، ويزخرف الأواني ، والأثاث ، وكل ما يستخدمه الإنسان في مختلف أوجه الحياة.الفنّ الإسلاميّ ..فنٌّ خالد خدم ، ويخدم يخدم الحياة الإنسانية وهكذا وعلى مر كل تلك العصور نجد أن الفن الإسلامي كان يتميز دائمًا بأنه فنٌّ يخدم الحياة في كل أساليبه وطرقه، وأنه وُجِــدَ لأجل متعة الإنسان المسلم ، ولأجل تذوقه للقيم الجمالية أينما كان، ولهذا ظلت الفنون الإسلامية باقية معنا حتى يومنا هذا نستخدمها في حياتنا ، ونتمتع بما بقي من آثارها السابقة من عمائر ، وتحف ، وأوانٍ ذات قيم جمالية ، وفنية عالية ، ونحاكيها حتّى الآن في الكثير من بناءاتنا الفردية ، والمجتمعية. حينما ندعو إلى أن يكون الفنّ معبّرا بصدق عن الحياة ، نقصد بذلك أن يعبّر عن حقيقة البيئة التي يصوّرها ، أو يعبّر عنها ..والحقّ أن البيئة تتطوّر ، وتتغيّر وفي تسارعٍ كبير في أيّامنا هذه ، ونحن نعيش الآن في عصرٍ عوْلمتْـهُ ثورة الاتصالات بكلّ أطيافها ، والأسواق الحرة ، وتدفّق المعارف والمعلومات ، والسّبْق في إنتاج المعلومة ، وتوظيفها قبْل الغير ..الحديث في هذا المجال قد يخرج بنا عن إطار المواضيع المُحدّدة لهذا الكتاب ..فكان لا بدّ أن تساير الفنون هذا العصر المتطوٍّر، والمتسارع في جميع المجالات بما في ذلك الإحساس ، والشعور بالجمال ، ونوعية تذوّق الفنون ، واقتناء منتجاتها . | |
|
yamen Admin
عدد المساهمات : 12 نقاط : 24 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 07/01/2012
| موضوع: رد: الفن و الحياة الثلاثاء فبراير 28, 2012 12:32 pm | |
| موضوع رائع ....جزاك الله خيرا | |
|
خليفة جاسم البلوشي
عدد المساهمات : 75 نقاط : 120 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 16/01/2012 العمر : 25
| موضوع: رد: الفن و الحياة الخميس مارس 01, 2012 6:58 pm | |
| موضوع رائع جدا فشكرا لك أخي ع المساهمات البراقه وإلى الامام | |
|
الطالب هزاع محمد
عدد المساهمات : 116 نقاط : 209 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 08/02/2012 العمر : 26 الموقع : https://alrazi.ahlamountada.com/profile?mode=editprofile
| موضوع: رد: الفن و الحياة الجمعة مارس 09, 2012 1:53 am | |
| موضوع رائع جدا فشكرا لك أخي ع المساهمات البراقه وإلى الامام | |
|